التبخر والنتح تأثراً وتأثيراً في المنظومة المناخية
د. نزار جمال حداد
مدير مديرية بحوث النحل � المركز الوطني للبحث والارشاد الزراعي
رئيس الاتحاد النوعي للنحالين الاردنيين
تؤدي التغيرات المناخية إلى اختلاف تراكيز الغازات الدفيئة والأهباء الجوية محدثة تأثيرات مباشرة في النظام البيئي مما يُخلُ في توازن النظام المناخي. وتختلف العواقب الإقليمية والمناطقية لتغير المناخ العالمي من مكان إلى آخر على سطح كوكبنا، حيث ازدادت درجات الحرارة الدنيا بمعدل أعلى بمرتين من معدل ازدياد درجات الحرارة العليا. وتتفاوت تذبذبات معدلات الهطول المطري نحو الزيادة والنقصان في المناطق المختلفة على سطح الأرض. وتشير النماذج العلمية المعتمدة عالمياً لتوقعات الأحوال الجوية إلى أن الشرق الأوسط سيشهد تراجعاً بنسبة 20% لمعدلات هطول الأمطار في العام 2100م. وعلى الرغم من خطورة هذه المؤشرات المستقبلية من انخفاض معدلات الأمطار إلا أن هنالك مؤشرات أخرى أكثر خطورة، وقد بدأت تظهر نتائجها بشكل ملموس وعلى رأسها مؤشر التبخر والنتح والذي يزداد مع ازدياد درجات الحرارة صيفاً. تشير القراءات المناخية إلى أن مدينة عمان على سبيل المثال قد شهدت زيادة في درجات الحرارة تقارب درجة مئوية واحدة خلال الفترة 1923-2007م. وفي حال استمرار ارتفاع درجات الحرارة بمعدل 1.5-3 مْ / سنوياً، فإن معدلات التبخر والنتح ستزداد بمقدار 200ملم/سنوياً، مما يزيد الأمر تعقيداً فحتى لو هطلت كمية الأمطار المعتادة في منطقة ما لاحقاً فإنها لن تعوض النقص الناجم عن زيادة معدلات التبخر والنتح في النبات. بعد تحليل القراءات المناخية لمحطتي الرصد الجوي في محطة الكرامة ومحطة مرو للبحوث الزراعية تبيَّن أن هنالك زيادة معنوية في معدلات ومجموع التبخر والنتح في كليهما حيث قاربت في محطة الكرامة 100ملم، و في محطة مرو الزراعية 50 ملم وذلك خلال الأعوام 2001-2010م الأمر الذي يؤكد على مدى الإجهاد الذي ستتعرض له النباتات ما لم يتم تعويض الفاقد من المياه والناجم عن التبخر من خلال مياه الري وهو ما ينعكس سلباً على إنتاجية المحاصيل الزراعية ويحدث خللاً في التوازن الحراري في النباتات المختلفة بسبب نتح الماء من أوراقها؛ مما يهدد الإنتاج الزراعي والتنوع الحيوي والأمن الغذائي ويزيد تكلفة سد الفجوة الغذائية من خلال الاستيراد.
ولا نستطيع في هذا المقام الجزم على أن الارتفاع في معدلات التبخر الحاصل في العقد الأخير سيستمر أم لا، إلا أنه يفسر الإجهادات التي تعرضت لها النباتات وخاصة البرية خلال العشر سنوات الماضية. ولعل انتخاب واستزراع السلالات المحلية للمحاصيل الزراعية والبرية يعتبر الركيزة والأداة الأساس للتأقلم مع التغيرات المناخية.
|
||